رصدت اللجنة العمانية لحقوق الانسان الفيلم الوثائقي والتقرير الذي بثتهما قناة البي بي سي افريقيا البريطانية حول العاملات القادمات من جمهورية ملاوي للعمل في سلطنة عُمان واللاتي تعرضن للاتجار بالبشر حسب ما ورد في التقرير المنشور، مما أثار قلق اللجنة حول وضع تلك العاملات اللاتي يدعين تعرضهن للضرر دون تواصلهن مع اللجنة العمانية لحقوق الانسان والاليات الوطنية المعنية بحماية حقوق العمال في سلطنة عمان.
وبناءً على اختصاص اللجنة وفقاً للبند الثالث من المادة رقم (11) بموجب المرسوم السلطاني رقم 57 / 2022 بالرد على ما قد تثيره الحكومات الأجنبية والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية من ملاحظات في مجال حقوق الإنسان في سلطنة عُمان والتحقق من المعلومات الواردة بها والرد عليها، تود اللجنة أن توضح الآتي:
1- تطرق التقرير الى عدد 50 عاملة من الجنسية الملاوية دون وجود معلومات كافية عن تلك الحالات، والجدير بالذكر بأن تلك الحالات وفقا للمنشور قد غادرن أرض سلطنة عمان في وقت سابق.
2- افاد التقرير أن العاملات قد تعرضن للخداع من مكاتب التوظيف واستقدام العاملات في بلادهن، مما يستدعي من حكومة ملاوي التحقق والوقوف على الموضوع في بلدهن.
3- كما اكد التقرير تواصل العاملات مع المنظمات الدولية والمجتمع المدني خارج سلطنة عمان من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، مما يؤكد قدرتهن على استخدام تلك الوسائل للإبلاغ لدى الأليات الوطنية في سلطنة عمان المعنية بحماية حقوق العمال. فقد خصصت تلك الجهات وسائل عديدة (وسائل التواصل الاجتماعي) لتلقي البلاغات متاحة على مدار 24 ساعة. كما كان يمكن لهن إبلاغ السلطات المختصة بالمطار برفض السفر إلى بلادهن قبل حصولهن على حقوقهن إذا قرر مكتب الاستقدام تسفيرهن.
4- كما تضمن التقرير معلومات غير دقيقة وتتنافى مع الواقع في سلطنة عمان و التي صرحت بها مؤسسة Do Bold التي ذكرت بأن العاملة لا يمكنها استبدال صاحب العمل ولا يمكنها مغادرة البلد في اسوء الظروف التي تتعرض لها. حيث حظر قانون العمل العماني على صاحب العمل أي شكل من أشكال العمل الجبري أو القسري على العامل بموجب نص المادة (5) كما أنه قرر وفقاً للمادة (6) عدم جواز احتفاظ صاحب العمل بجواز سفر العامل أو وثائقه الخاصة.
5- لم تقوم هذه المنظمات منها (منظمة Do Bold) بالتواصل مع اللجنة في الحالات المذكورة في التقرير المنشور من قبل، والجدير بالذكر بأن المنظمة المشار إليها على تواصل مع اللجنة في حالات عديدة للعاملات من جميع الجنسيات وتقوم اللجنة بالرد عليها والتدخل السريع لمساعدة تلك الحالات.
6- ناقش التقرير حالة وفاة عاملة المنزل “Aida Chiwalo” التي توفيت في أرض سلطنة عمان خلال عام 2023م دون معرفة سبب وفاتها و تعرضها للإهمال من قبل مكتب استقدام العمالة في السلطنة بحسب ما ورد في التقرير.
وعلى ضوء ما نشر في التقرير، تود اللجنة العمانية لحقوق الانسان التأكيد بأن البلاغات التي تلقتها من عاملات يعملن في الخدمة المنزلية من الجنسية الملاوية خلال عام 2023م، بلغت عدد 2 بلاغ فقط تتعلق بإخلال مكتب الاستقدام بشروط العقد المبرم بينهما، ومن خلال التعاون مع وزارة العمل تم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد صاحب المكتب وتحميله كافة النفقات، وإعادة العاملتين إلى بلادهن.
أما فيما يتعلق بالبلاغات التي تلقتها اللجنة من منظمة Do Bold حول الموضوع المنشور، فإنها تلقت بلاغا واحدا فقط حول عاملة منزل من الجنسية الملاوية، وقد تم الرد على المنظمة للحصول على التفاصيل المتعلقة بالعاملة، الا أن المنظمة ردت على فريق العمل في اللجنة فيما بعد بأنه تم حل الموضوع مع صاحب العمل بوسيلة أخرى دون الحاجة لتدخل اللجنة العمانية لحقوق الانسان وعودة العاملة لبلدها، ولم يتم موافاة اللجنة بأية معلومات تخص العاملة.
من جانب أخر، أظهرت الاحصائيات الرسمية المسجلة بأن نسبة العاملات من الجنسية الملاوية تشكل ما يقارب 0.3% من اجمالي عدد العاملات من جميع الجنسيات في سلطنة عمان الذي بلغ 202368 عاملة منزل بينهم عدد 626 عاملة من الجنسية الملاوية حتى نهاية شهر فبراير 2024م. مما يتضح بأن عدد الحالات التي نشرها التقرير الصحفي تعد حالات فردية ومحدودة، الا أن اللجنة تعرب عن قلقها إزاء الحالات التي تعرضت للانتهاكات المنشورة في التقرير دون تواصل العاملات أو المنظمات الدولية غير الحكومية بشأنهن مع اللجنة العمانية لحقوق الانسان أوالجهات الرسمية المعنية بحماية حقوق العمال في سلطنة عمان من أجل التدخل لحل أي انتهاك تتعرض له العاملة في حال صحة هذه المعلومات.
وتؤكد اللجنة أن القوانين والتشريعات العُمانية تكفل حقوق العمال ومن بينهم العمالة المنزلية، وتضمن حصولهم على الأجر الشهري المتفق عليه مقابل العمل خلال مدة لا تتجاوز سبعة أيام من انتهاء كل شهر، وتوفير المأكل والمسكن المناسبين، وتوفير العلاج الطبي من قبل صاحب العمل طيلة مدة العقد.
كما يوجب القانون حصول العمالة المنزلية على فترات راحة من العمل خلال اليوم، إضافة إلى الحصول على فترة راحة أسبوعية لمدة يوم ، والحصول على إجازة بعد المدة المتفق عليها في عقد العمل، مع التأكيد على المعاملة الإنسانية اللائقة التي تحفظ كرامة العامل.
بالإضافة إلى حصول العمالة المنزلية على تذكرة سفر للعودة إلى بلادها يتحملها مكتب الاستقدام خلال 180 يوما من تاريخ وصول العامل إذا ثبت أن مهنته تخالف المهنة المحددة له في ترخيص الاستقدام، أو أنه مصابٌ بمرض عقلي أو معدي، أو لديه إعاقة لا تمكنه من أداء عمله. كما يمكن للعمالة المنزلية الحصول على تذكرة سفر للعودة إلى بلادها يتحمل تكلفتها صاحب العمل بعد انتهاء فترة العقد، أو بسبب إخلال صاحب العمل بالعقد.
مما يؤكد ان سلطنة عمان تطبق منظومة تشريعية تكفل حقوق العمال، وبما يتفق مع معايير العمل الدولية، والنظام الاساسي للدولة، وقانون العمل العُماني والقرارات الوزارية، والاتفاقية رقم (105) بشأن إلغاء العمل الجبري، والاتفاقية رقم (29) لمنظمة العمل الدولية المتعلقة بالعمل الجبري، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
أما فيما يتعلق بما أثير في التقرير بشأن عاملة المنزل “Aida Chiwalo” التي توفيت في أرض سلطنة عمان خلال عام 2023م فقد قامت اللجنة العمانية لحقوق الانسان بالتحقق من الموضوع المنشور حيث ثبت بأن سبب الوفاة كان طبيعيا تمثل في هبوط حاد في الدورة الدموية، و لا توجد شبهة جنائية و ذلك بحسب التقارير من الجهات الرسمية في السلطنة. والجدير بالذكر انه فور الوفاة قامت الجهات المعنية في السلطنة بالتواصل مع عائلة العاملة المتوفاة الذين أبدوا موافقتهم على دفن العاملة في سلطنة عمان للحصول على تعويض مادي بدل تذكرة نقل الجثة الا أن حكومة جمهورية ملاوي رفضت ذلك. وعليه تم نقل الجثة بتاريخ 12/ 6/ 2023م. واتضح للجنة بعد التحقق في الموضوع بأن مكتب الاستقدام قد تكفل بتوفير جميع مستلزمات نقل وحفظ الجثة وتحنيطها ليتم نقلها الى بلدها، علما بأن سفارة جمهورية ملاوي تكفلت بتوفير تذكرة نقل الجثة بموجب طلب مسبق منها. كما أن صاحب العمل قد تكفل بتعويض عائلة العاملة المتوفاة بمبالغ التذكرة وكافة حقوقها المالية بالإضافة الى ارسال المساعدات الى أسرة العاملة، كما تم تقديم مساعدة للأسرة لشراء منزل. وتؤكد اللجنة بأنها قامت بإجراء تحقيقات تتسم بالشفافية من خلال الاطلاع على كافة الوثائق لدى الجهات المعنية في سلطنة عمان من جهة، ومكتب الاستقدام وصاحب العمل من جهة أخرى.
وفيما يتعلق بالآليات الوطنية المعنية بحماية حقوق العمال، فإنه بإمكان العامل الإبلاغ عن الشكوى عبر جهات مختلفة منها: وزارة العمل، وشرطة عُمان السلطانية، والادعاء العام، واللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، واللجنة العُمانية لحقوق الإنسان.
وهناك وسائل عديدة تم تخصيصها لتسجيل بلاغات العمال تتضمن:
1- الحضور المباشر إلى هذه الجهات.
2- التواصل معها عبر الخطوط الساخنة.
3- الرسائل النصية.
4- برنامج (الواتساب).
5- البريد الصوتي.
6- البريد الإلكتروني.
7- الموقع الإلكتروني على شبكة الانترنت.
أما في الحالات التي تقع فيها العمالة المنزلية ضحية للاتجار بالبشر بحيث يتم استغلالها في أعمال خارج إطار عقد العمل أو اجبارها على القيام بأعمال غير مشروعة، فيمكنها إبلاغ “اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر” التي تقوم بالإجراءات اللازمة لحماية العاملة المتضررة ومتابعة حقوقها، كما تقوم بالتنسيق مع وزارة التنمية الاجتماعية التي عملت على توفير مقر إيواء لضحايا الاتجار بالبشر (دار الوفاق)، مع ضمان المساعدة القانونية، والرعاية الصحية والنفسية، والإعاشة في الدار، وذلك بهدف التخفيف من الآثار الناجمة عن تعرضها لأي استغلال. الجدير بالذكر ان اللجنة الوطنية لمكافحه الايجار بالبشر منذ عام 2019 قررت انشاء فريق للتدخل المبكر في حالات تلقي الابلاغ عن اي حاله الإتجار بالبشر.
وأخيرا، تؤكد اللجنة العمانية لحقوق الانسان بأنها تتواصل مع المنظمات الدولية غير الحكومية بشكل عام في كل ما يتعلق بتعزيز وحماية حقوق الانسان في سلطنة عمان، كما انها تتواصل بشكل خاص ومستمر مع منظمة Do Bold فيما يتعلق بحماية حقوق العمال والتحقيق في الحالات التي تحيلها تلك المنظمة وحلها بالتعاون مع الجهات المعنية في سلطنة عمان.
إن اللجنة العمانية لحقوق الانسان منذ تأسيسها في عام 2008 و كونها لجنة مستقلة بموجب المرسوم السلطاني57 / 2022 تهدف الى حماية وتعزيز حقوق الانسان في سلطنة عمان، وتسعى الى التأكيد على تمتع جميع العاملين العمانيين وغير العمانيين ومن جميع الفئات في السلطنة بجميع حقوق الانسان الأساسية دون تمييز. كما تحث اللجنة من خلال هذا البيان عاملات المنازل اللجوء إلى اللجنة العمانية لحقوق الانسان والجهات المختصة السابق بيانها في حال تعرضهن لأي انتهاك لحقوقهن.
ومن هذا المنطلق، ترحب اللجنة العمانية لحقوق الانسان بالتواصل والتعاون مع جميع المنظمات الدولية الحكومية و غير الحكومية فيما يتعلق بحماية وتعزيز حقوق الانسان في سلطنة عمان و التحقق من حالات الانتهاكات – ان وجدت – والتأكد منها وحلها بالتعاون مع جميع الجهات المعنية. كما تؤكد اللجنة العمانية لحقوق الانسان على ضرورة تكاتف جميع الجهود الوطنية من أجل حماية حقوق العمال في سلطنة عمان.
اللجنة العمانية لحقوق الانسان:
الموقع الالكتروني: www.ohrc.om
البريد الالكتروني : contact@ohrc.om
رقم الهاتف: 24218900
رقم التواصل الاجتماعي (WhatsApp ) :
72221966
الانستجرام: ohrc_oman
برنامج (X) : @OHRC_OMAN